قضت العادة أن تُقام الأسواق وسط الحواضر. ولكن هذه القاعدة لا تنطبق على مدينة إنزكان التي تقع وسط عدة أسواق والأسواق التقليدية. فعمالة إنزكان هي ثاني منطقة تجارية بالمغرب بعد الدار البيضاء، وتعد قطبا تجاريا حيويا يزود عدة مناطق مغربية وبلدان جنوب الصحراء.
تقع المدينة على مسافة 8 كلم فقط من أكادير، وبها ستعيش تجربة تسوق فريدة جدا. فعندما تحلّ بإنزكان، تجول بين الأسواق على هواك، ثم عرّج على خلية نشطة غنية بأريجها الفواح وألوانها الزاهية، بين منتجات من كل الأنواع والأشكال !
هو سوق أسبوعي كان ينعقد كل ثلاثاء، ثم أصبح، مع مرور الوقت، سوقا دائما. يعود تاريخ “سوق الثّـْلاثْ” كما يسميه مرتادوه، إلى سنوات السبيعنيات، وهو يضم اليوم حوالي 2000 دكان. فيه تجد الفواكه والخضر؛ والألبسة؛ والمنتجات التقليدية؛ والتوابل؛ ومجموعات متنوعة من الأغراض والأشياء القديمة. وأنت تتجول بين محلاته ومنتجاته المبسوطة أرضا، وتشتري قطعا فريدة، ستنقش في ذاكرتك ذكريات وصورا غير مألوفة، سترافقك مدى الحياة.
ثم تواصل مسيرك نحو القيساريات المجاورة، حيث تبدو المحلات المتراصة أكثر ترتيبا وتنظيما. ولعل أشهر هذه القيساريات هي قيسارية المنتجات الإلكترونية التي تضاهي سوقَيْ القريعة ودرب غلف بالدار البيضاء، من حيث تنوع العروض وعددها.
تنشط هذه الأسواق منذ سنوات الستينيات، وعددها ثلاثة أسواق محاذية لبعضها البعض؛ وهي رحبة الفواكه والخضر، ورحبة الفواكه الجافة، ورحبة الحبوب. هنا يلتقي التجار، ويتفاوضون، ويبيعون، ويشترون، في جو قل نظيره. ومن هذه الأسواق، تُنقل البضائع إلى باقي جهات المملكة، وإلى موريتانيا، والسنغال، وبلدان أخرى غرب أفريقيا.
لا تُفوّت أبدا هذا المشهد التلقائي الحافل الذي ينم عن فن التجارة الذي اشتهرت به المنطقة منذ القدم.
وإذا كنت ترغب التسوق في مكان أكثر هدوءً، فإن سوق الحرية هو ضالتك. هو سوق أحدث من سابقيه، مستقر في مركب كبير مغطى، وبه عدة محلات ودكاكين. الأجواء هنا وإن كانت أقل بهرجة، فهي لا تقل متعةً والبضائع المعروضة لا تقل تشويقا.
المراكز التجارية الكبرى الجديدة
مرجان، أسواق السلام، أتقاداو…
إن الحركة التجارية بإنزكان ليست وليدة فترة ما بعد زلزال 1960. فالمنطقة كانت على مدى التاريخ محطة للقوافل ومركزا تجاريا كبيرا، تديره قبيلة كسيمة أساسا. وإذا كانت أنقاض الأسواق القديمة قد اندثرت مع عصرنة المنطقة، إلا أن روحها الأصلية لا تزال حية بها، والأصالة تورث من جيل لآخر.