يمتد المنتزه الوطني توبقال على مساحة تناهز 39000 هكتار تغطي جزء الأطلس الكبير الأوسط، وتمتد إلى أقاليم الحوز، وتارودانت، ووارزازات. ويتميز المنتزه بكتله الجبلية العظيمة، ومنحدراته القوية، وجمال مناظره الاستثنائية، وتنوع الأحياء الكبير به. ويتفرد كذلك بسكانه، أهل الكرم والضيافة، وبتراثه المعماري والثقافي الزاخر.
هنا، تتحداك الوديان والمنحدرات، تتحدى قدرتك البدنية والمعنوية، وسط مناظر تحبس الأنفاس، بكامل المعنى الحرفي للعبارة. وحتى تكتشف هذه المنطقة كما يجب، هذه ثلاث نقط لا تفوِّتها على نفسك !
يقبع وادي تيفنوت وسط الجبال، على طول النهر الذي يحمل اسمه، وهو مجال مثالي لقضاء جولات مشي لا تُنسى. تحفه من الجانبين شلالات ماء تلفها خضرة لا مثيل لها، من هنا ستنطلق مشياً أو على متن دراجة جبلية لتجوب أكناف الوادي وتضاريسه المتقلبة. هنا، ستسحرك الطبيعة بجمالها، هنا ستراقب وحيشا متنوعا وغنيا يحميه المنتزه. وهنا ستُتاح لك فرصة زيارة بنايات قديمة معلقة على جانبي الوادي، ولقاء أهل المنطقة المعروفين بكرمهم العفوي الأصيل.
إذا صعدت الوادي، ستنتهي بك الطريق إلى بيئة جرداء بالكامل، لتفاجئك بتكوين طبيعي فريد؛ إنها بحيرة إفني. تتربع البحيرة على ارتفاع 2220 م، وهي أعلى بحيرة جبلية بالمغرب. ومن أعلى المنحدرات السحيقة، ستطالعك البحيرة بجمالها الأخاذ. فعلى صفحة مياهها تنعكس قمم الجبال الشامخة تعلوها خضرة تتراوح بين أخضر فيروزي وأزرق ياقوتي؛ البحيرة كلها تبدو كأنها حجر كريم مكنون وسط فوضى من صخور الكرانيت. وضفاف البحيرة، وإن كانت شديدة الانحدار وغير منتظمة، إلا أن الجزء الغربي منها مسطح، وبه يتوقف الجوالون لالتقاط أنفاسهم وأخذ قسط من الراحة، أو التنزه والسباحة، إذا كان الجو مناسبا.
يتجاوز ارتفاع جبل أدرار ندرن (ومعناها جبل الجبال) 3600 م، والصعود إلى قمته مغامرة تلقى إقبالا كبيرا بين الجوالين، وتقدم بديلا جميلا عن رحلة عبور سلسلة جبال الأطلس. الصعود يكون بالسير بتؤدة وثبات بمحاذاة القمة حيث ما تنفك النباتات تتراجع لتحل محلها كتل عظيمة من الحصى المتراكم. وعند وصول القمة، ستكون من القلة المحظوظة بالنظر إلى منظر مهيب، من زاوية مفتوحة تماما (360°)، على وادي تيفنوت، وجبل توبقال، وفي الأفق البعيد، على جبل سيروا جنوبا.
أن المنتزه الوطني توبقال، يؤوي وحيشا استثنائيا. فهو يتميز بوجود أكبر مستوطنة للضأن البربري (أو الكبش البربري أو اوداد كما يسميه أهل المنطقة) بشمال أفريقيا. ولن يعود عشاق مراقبة الطيور خاويي الوفاض، لأنهم سيتفاجؤون بمشاهدة طيور رائعة مثل نسور أبو ذقن )أو كَاسِرة العظام أو النسور الملتحية) والأفاعي الجميلة غير المؤذية، والأفاعي المغاربية السامة الخطرة.