بين البحر والصحراء والجبال، تزنيت هي واحدة من عجائب جهة سوس ماسة؛ تتميز بأصالتها ومعاصرتها. أسسها السلطان مولاي الحسن سنة 1882 واشتهرت بتاريخها وتراثها وحليها الفضية. وبين أسوارها تختبئ المدينة العتيقة الزاخرة بكنوزها المعمارية وسكانها المعروفين بالكرم والضيافة. وتتمتع فضلا عن ذلك بمناخ جميل بفضل موقعها بين الأطلس الصغير والساحل الأطلسي.
هنا تجتمع جميع المقومات لقضاء رحلة حضرية، لن تخرج منها خاوي اليدين !
تتزين أسوار تزنيت بالأحمر والزهري، وهي في حد ذاتها معلمة تجذب إليها كل زائر. وتتخل السور، الذي يبلغ ارتفاعه 8 أمتار، 56 برجا، وتخترقه 5 أبواب. ابدأ جولتك من باب جْديد كي تصل إلى ساحة المشور، قبالة دار المخزن (إقامة ملكية سابقة)، قلب المدينة النابض حيث يتراص عدد من دكاكين الحرف التقليدية.
ثم تجول بين الأزقة حتى عين أقديم، العين التي أُسِّست المدينة حولها في البداية. هنا بين الحوض والبستان تنبع العين الزرقاء، حيث يحلو الاسترخاء ويسود جو خاص خاصة عند حلول المساء. وعلى بعد خطوات معدودة، ستكتشف معلمتين معماريتين عجيبتين: الجامع الكبير وقصبة أغناج. يتميز الجامع بمئذنته التي تعلوها أعواد الخيزران التي تذكر بمئذنة تومبوكتو بمالي؛ بينما تبدو القصبة، التي تعود إلى القرن التاسع عشر، كحصن منيع يؤوي اليوم متحفا ومركبا ثقافيا.
بعد ذلك، توجه إلى باب الخميس كي تشهد غروب الشمس الساحر. ومن أعلى الأسوار، ستحظى بإطلالة رائعة على حقول تاركا المعاشية.
صياغة الحلي والمجوهرات بتزنيت فن متوارث عبر الأجيال، وقد نجح الحرفيون المهرة في مواكبة تطور صياغة المجوهرات مع الحفاظ على بصمة المنطقة الخاصة بها.
تضم المدينة أكثر من 180 محل مجوهرات تعرض مجموعات عريضة من الحلي وعلب المجوهرات، والأساور، والعقود، والخناجر، فضلا عن المشابك التي تشتهر بها المنطقة، المعروفة محليا بتازرزيرت. وأنت تتأمل الواجهات المليئة بالتحف والقطع الفنية، فإنك لن تقاوم اقتناء بعضها. وهذه فرصة مناسبة، لأن الأسعار هنا معقولة، وجودة المنتجات عالية. وإذا أردت اقتناء حليا بتصميم مخصص فما عليك إلا أن تطلب. فلا شيء هنا يُعجز الحرفيين !
عند توقيع معاهدة الحماية سنة 1912، ظهرت حركة مقاومة بتزنيت على يد مولاي أحمد الهبة ماء العينين، السلطان الأزرق. قاد الهبة، تؤازره قبائل سوس والصحراء، جيشا إلى مراكش متحديا سلطات الحماية، ولكنه هُزم على يد الفرنسيين بمعركة سيدي بوعثمان شمال المدينة الحمراء. فانسحب بعدها وتحصن بين جبال الأطلس الصغير ليواصل المقاومة إلى أن وافته المنية سنة 1919 على إثر مرض ألمّ به.